فصل: قال الثعالبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.اللغة:

{جهرة} علانية، وأصل الجهر: الظهور، ومنه الجهر بالقراءة والجهر بالمعاصي يعني المظاهرة بها، تقول: رأيت الأمير جهارًا أي غير مستتر بشئ، وقال ابن عباس: جهرة: عيانا، {الصاعقة} صيحة العذاب أو هي نار محرقة.
{بعثناكم} أحييناكم، قال الطبري: وأصل البعث: إثارة الشيء من محله.
{الغمام} جمع غمامه كسحابة وسحاب، وزنا ومعنى، لأنها تغم السماء أي تسترها، وكل مغطى فهو مغموم، وغم الهلال: إذا غطاه الغيم فلم ير.
{حطة}: مصدر أي حط عنا ذنوبنا، وهي كلمة استغفار ومعناها: اغفر خطايانا.
{رجزا} عذابا ومنه {لئن كشفت عنا الرجز} أي العذاب.
{يفسقون} الفسق: الخروج من الطاعة. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

.فصل: طلب بني إسرائيل من موسى عليه السلام أن يروا الله جهرة:

اعلم أن هذا هو الإنعام السادس، بيانه من وجوه:
أحدها: كأنه تعالى قال: اذكروا نعمتي حين قلتم لموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة ثم أحييتكم لتتوبوا عن بغيكم وتتخلصوا عن العقاب وتفوزوا بالثواب.
وثانيها: أن فيها تحذيرًا لمن كان في زمان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن فعل ما يستحق بسببه أن يفعل به ما فعل بأولئك.
وثالثها: تشبيههم في جحودهم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم بأسلافهم في جحود نبوة موسى عليه السلام مع مشاهدتهم لعظم تلك الآيات الظاهرة وتنبيهًا على أنه تعالى إنما لا يظهر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثلها لعلمه بأنه لو أظهرها لجحودها ولو جحدوها لاستحقوا العقاب مثل ما استحقه أسلافهم.
ورابعها: فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم مما كان يلاقي منهم وتثبيت لقلبه على الصبر كما صبر أولو العزم من الرسل.
وخامسها: فيه إزالة شبهة من يقول: إن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لو صحت لكان أولى الناس بالإيمان به أهل الكتاب لما أنهم عرفوا خبره، وذلك لأنه تعالى بين أن أسلافهم مع مشاهدتهم تلك الآيات الباهرة على نبوة موسى عليه السلام كانوا يرتدون كل وقت ويتحكمون عليه ويخالفونه فلا يتعجب من مخالفتهم لمحمد عليه الصلاة والسلام وإن وجدوا في كتبهم الأخبار عن نبوته.
وسادسها: لما أخبر محمد عليه الصلاة والسلام عن هذه القصص مع أنه كان أميًا لم يشتغل بالتعلم ألبتة وجب أن يكون ذلك عن الوحي. اهـ.

.أقوال المفسرين في المسألة:

قال الفخر:
للمفسرين في هذه الواقعة قولان:
الأول: أن هذه الواقعة كانت بعد أن كلف الله عبدة العجل بالقتل، قال محمد بن إسحاق: لما رجع موسى عليه السلام من الطور إلى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل وقال لأخيه والسامري ما قال.
وحرق العجل وألقاه في البحر، اختار من قومه سبعين رجلًا من خيارهم فلما خرجوا إلى الطور قالوا لموسى: سل ربك حتى يسمعنا كلامه، فسأل موسى عليه السلام ذلك فأجابه الله إليه ولما دنا من الجبل وقع عليه عمود من الغمام وتغشى الجبل كله ودنا من موسى ذلك الغمام حتى دخل فيه فقال للقوم: ادخلوا وعوا، وكان موسى عليه السلام متى كلمه ربه وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم النظر إليه، وسمع القوم كلام الله مع موسى عليه السلام يقول له: افعل ولا تفعل، فلما تم الكلام انكشف عن موسى الغمام الذي دخل فيه فقال القوم بعد ذلك: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة وماتوا جميعًا وقام موسى رافعًا يديه إلى السماء يدعو ويقول: يا إلهي اخترت من بني إسرائيل سبعين رجلًا ليكونوا شهودي بقبول توبتهم، فارجع إليهم وليس معي منهم واحد، فما الذي يقولون فيّ، فلم يزل موسى مشتغلًا بالدعاء حتى رد الله إليهم أرواحهم وطلب توبة بني إسرائيل من عبادة العجل فقال: لا إلا أن يقتلوا أنفسهم.
القول الثاني: أن هذه الواقعة كانت بعد القتل، قال السدي: لما تاب بنو إسرائيل من عبادة العجل بأن قتلوا أنفسهم أمر الله تعالى أن يأتيهم موسى في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادتهم العجل، فاختار موسى سبعين رجلًا، فلما أتوا الطور قالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة وماتوا فقام موسى يبكي ويقول: يا رب ماذا أقول لبني إسرائيل، فإني أمرتهم بالقتل ثم اخترت من بقيتهم هؤلاء، فإذا رجعت إليهم ولا يكون معي منهم أحد فماذا أقول لهم؟ فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل إلهًا فقال موسى: {إِنْ هي إِلاَّ فِتْنَتُكَ} [الأعراف: 155] إلى قوله: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: 156] ثم إنه تعالى أحياهم فقاموا ونظر كل واحد منهم إلى الآخر كيف يحييه الله تعالى، فقالوا: يا موسى إنك لا تسأل الله شيئًا إلا أعطاك فادعه يجعلنا أنبياء، فدعاه بذلك فأجاب الله دعوته.
واعلم أنه ليس في الآية ما يدل على ترجيح أحد القولين على الآخر وكذلك ليس فيها ما يدل على أن الذين سألوا الرؤية هم الذين عبدوا العجل أو غيرهم. اهـ.

.فصل: في قوله تعالى: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ}:

قال الفخر:
أما قوله تعالى: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ} فمعناه لا نصدقك ولا نعترف بنبوتك حتى نرى الله جهرة أي عيانًا.
قال صاحب الكشاف: وهي مصدر من قولك: جهرت بالقراءة وبالدعاء كأن الذي يرى بالعين جاهر بالرؤية والذي يرى بالقلب مخافت بها وانتصار بها على المصدر لأنها نوع من الرؤية، فنصبت بفعلها كما ينصب القرفصاء بفعل الجلوس أو على الحال بمعنى ذوي جهرة وقرئ جهرة بفتح الهاء وهي إما مصدر كالغلبة وإما جمع جاهر، وقال القفال أصل الجهرة من الظهور يقال جهرت الشيء إذا كشفته وجهرت البئر إذا كان ماؤها مغطى بالطين فنقيته حتى ظهر ماؤه ويقال صوت جهير ورجل جهوري الصوت، إذا كان صوته عاليًا، ويقال: وجه جهير إذا كان ظاهر الوضاءة، وإنما قالوا: جهرة تأكيدًا لئلا يتوهم متوهم أن المراد بالرؤية العلم أو التخيل على نحو ما يراه النائم. اهـ.

.فصل: رأي المعتزلة في رؤية الله تعالى:

قال الفخر:
استدلت المعتزلة بذلك على أن رؤية الله ممتنعة، قال القاضي عبد الجبار: إنها لو كانت جائزة لكانوا قد التمسوا أمرًا مجوزًا فوجب أن لا تنزل بهم العقوبة كما لم تنزل بهم العقوبة لما التمسوا النقل من قوت إلى قوت وطعام إلى طعام في قوله تعالى: {لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ واحد فادع لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأرض} [البقرة: 61]، وقال أبو الحسين في كتاب التصفح: إن الله تعالى ما ذكر سؤال الرؤية إلا استعظمه، وذلك في آيات:
أحدها: هذه الآية فإن الرؤية لو كانت جائزة لكان قولهم: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} كقول الأمم لأنبيائهم: لن نؤمن إلا بإحياء ميت في أنه لا يستعظم ولا تأخذهم الصاعقة.
وثانيها: قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزّلَ عَلَيْهِمْ كتابا مّنَ السماء فَقَدْ سَأَلُواْ موسى أَكْبَرَ مِن ذلك فَقَالُواْ أَرِنَا الله جَهْرَةً فأخذتهم الصاعقة بظلمهم} [النساء: 153]، فسمى ذلك ظلمًا وعاقبهم في الحال، فلو كانت الرؤية جائزة لجرى سؤالهم لها مجرى من يسأل معجزة زائدة.
فإن قلت أليس إنه سبحانه وتعالى قد أجرى إنزال الكتاب من السماء مجرى الرؤية في كون كل واحد منهما عتوا، فكما أن إنزال الكتاب غير ممتنع في نفسه فكذا سؤال الرؤية.
قلت: الظاهر يقتضي كون كل واحد منهما ممتنعًا ترك العمل به في إنزال الكتاب فيبقى معمولًا به في الرؤية.
وثالثها: قوله تعالى: {وَقَالَ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا الملئكة أَوْ نرى رَبَّنَا لَقَدِ استكبروا في أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} [الفرقان: 21] فالرؤية لو كانت جائزة وهي عند مجزيها من أعظم المنافع لم يكن التماسها عتوًا لأن من سأل الله تعالى نعمة في الدين أو الدنيا لم يكن عاتيًا وجرى ذلك مجرى ما يقال: لن نؤمن لك حتى يحيي الله بدعائك هذا الميت.
واعلم أن هذه الوجوه مشتركة في حرف واحد وهو أن الرؤية لو كانت جائزة لما كان سؤالها عتوًا ومنكرًا، وذلك ممنوع.
وقوله: إن طلب سائر المنافع من النقل من طعام إلى طعام لما كان ممكنًا لم يكن طالبه عاتيًا وكذا القول في طلب سائر المعجزات.
قلنا: ولم قلت إنه لما كان طالب ذلك الممكن ليس بعات وجب أن يكون طالب كل ممكن غير عات والاعتماد في مثل هذا الموضع على ضروب الأمثلة لا يليق بأهل العلم وكيف وأن الله تعالى ما ذكر الرؤية إلا وذكر معها شيئًا ممكنًا حكمنا بجوازه بالاتفاق وهو إما نزول الكتاب من السماء أو نزول الملائكة.
وأثبت صفة العتو على مجموع الأمرين، وذلك كالدلالة القاطعة في أن صفة العتو ما حصلت لأجل كون المطلوب ممتنعًا.
أما قول أبي الحسين: الظاهر يقتضي كون الكل ممتنعًا ترك العمل به في البعض فيبقى معمولًا به في الباقي.
قلنا: إنك ما أقمت دليلًا على أن الاستعظام لا يتحقق إلا إذا كان المطلوب ممتنعًا وإنما عولت فيه على ضروب الأمثلة، والمثال لا ينفع في هذا الباب، فبطل قولك: الظاهر يقتضي كون الكل ممتنعًا.
فظهر بما قلنا سقوط كلام المعتزلة.
فإن قال قائل: فما السبب في استعظام سؤال الرؤية؟ الجواب في ذلك يحتمل وجوهًا.
أحدها: أن رؤية الله تعالى لا تحصل إلا في الآخرة، فكان طلبها في الدنيا مستنكرًا.
وثانيها: أن حكم الله تعالى أن يزيل التكليف عن العبد حال ما يرى الله فكان طلب الرؤية طلبًا لإزالة التكليف وهذا على قول المعتزلة أولى، لأن الرؤية تتضمن العلم الضروري والعلم الضروري ينافي التكليف، وثالثها: أنه لما تمت الدلائل على صدق المدعي كان طلب الدلائل الزائدة تعنتًا والمتعنت يستوجب التعنيف، ورابعها: لا يمتنع أن يعلم الله تعالى أن في منع الخلق عن رؤيته سبحانه في الدنيا ضربًا من المصلحة المهمة، فلذلك استنكر طلب الرؤية في الدنيا كما علم أن في إنزال الكتاب من السماء وإنزال الملائكة من السماء مفسدة عظيمة فلذلك استنكر طلب ذلك. والله أعلم. اهـ.

.فصل: في المراد بالصاعقة:

قال الفخر:
للمفسرين في الصاعقة قولان:
الأول: أنها هي الموت وهو قول الحسن وقتادة واحتجوا عليه بقوله تعالى: {فَصَعِقَ مَن في السموات وَمَن في الأرض إِلاَّ مَن شَاء الله} [الزمر: 68]، وهذا ضعيف لوجوه:
أحدها: قوله تعالى: {فَأَخَذَتْكُمُ الصاعقة وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} ولو كانت الصاعقة هي الموت لامتنع كونهم ناظرين إلى الصاعقة.
وثانيها: أنه تعالى قال في حق موسى: {وَخَرَّ موسى صَعِقًا} [الأعراف: 143] أثبت الصاعقة في حقه مع أنه لم يكن ميتًا لأنه قال: {فَلَمَّا أَفَاقَ} والإفاقة لا تكون عن الموت بل عن الغشي.
وثالثها: أن الصاعقة وهي التي تصعق وذلك إشارة إلى سبب الموت.
ورابعها: أن ورودها وهم مشاهدون لها أعظم في باب العقوبة منها إذا وردت بغتة وهم لا يعلمون.
ولذلك قال: {وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} منبهًا على عظم العقوبة، القول الثاني: وهو قول المحققين: إن الصاعقة هي سبب الموت ولذلك قال في سورة الأعراف: {فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرجفة} واختلفوا في أن ذلك السبب أي شيء كان على ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها نار وقعت من السماء فأحرقتهم.
وثانيها: صيحة جاءت من السماء، وثالثها: أرسل الله تعالى جنودًا سمعوا بخسها فخروا صعقين ميتين يومًا وليلة. اهـ.

.قال السمرقندي:

{وَإِذْ قُلْتُمْ يا موسى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ}، أي لن نصدقك {حتى نَرَى الله جَهْرَةً} أي عيانًا، وذلك أن موسى عليه السلام حين انطلق إلى طور سيناء للمناجاة، اختار موسى من قومه سبعين رجلًا، فلما انتهوا إلى الجبل أمرهم موسى بأن يمكثوا في أسفل الجبل، وصعد موسى عليه السلام فناجى ربه فأعطاه الله الألواح، فلما رجع إليهم قالوا له: إنك قد رأيت الله فأرناه حتى ننظر إليه، فقال لهم: إني لم أره، وقد سألته أن أنظر إليه، فتجلى للجبل، فدك الجبل، فلم يصدقوه وقالوا: لن نصدقك حتى نرى الله جهرة.
فأخذتهم الصاعقة فماتوا كلهم، فدعا موسى ربه فأحياهم الله تعالى، فذلك قوله عز وجل: {فَأَخَذَتْكُمُ الصاعقة وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} إلى الصاعقة. اهـ.

.قال الثعالبي:

ومن قال: إن السبعين سَمِعُوا ما سمع موسى، فقد أخطأ، وأذهب فضيلةَ موسى، واختصاصه بالتكْلِيم. اهـ.

.قال الخازن:

قوله عز وجل: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك} أي لن نصدقك {حتى نرى الله جهرة} أي عيانًا وذلك أن الله عز وجل أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل، فاختار موسى من قومه سبعين رجلًا من خيارهم وقال لهم: صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم، ففعلوا وخرج بهم موسى إلى طور سيناء لميقات ربه فقالوا لموسى: اطلب لنا أن نسمع كلام ربنا قال: أفعل فلما دنا من الجبل وقع عليه عمود من الغمام وتغشى الجبل كله فدخل موسى في الغمام، وقال للقوم: ادنوا حتى دخلوا تحت الغمام وخروا سجدًا وكان موسى إذا كلمه ربه وقع على وجهه نور ساطع فلا يستطيع أحد أن ينظر إليه فضرب دونهم الحجاب وسمعوه يكلم موسى يأمره وينهاكم وأسمعهم الله تعالى: «إني أنا الله لا إله إلا أنا ذو بكة أخرجتكم من أرض مصر بيد شديدة فاعبدوني ولا تعبدوا غيري فلما فرغ موسى وانكشف الغمام أقبل إليهم فقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة» وإنما قالوا: جهرة توكيد للرؤية لئلا يتوهم متوهم أن المراد بالرؤية العلم {فأخذتكم الصاعقة} قيل: هي الموت وفيه ضعف لأن قوله: {وأنتم تنظرون} يرده إذ لو كان منها الموت لامتنع كونهم ناظرين إليها وقيل: إن الصاعقة هي سبب الموت واختلفوا في ذلك السبب فقيل: إن نارًا نزلت من السماء فأحرقتهم.
وقيل: جاءت صيحة من السماء وقيل: أرسل جموعًا من الملائكة فسمعوا بحسهم فخروا صعقين {وأنتم تنظرون} أي ينظر بعضكم إلى بعض كيف يأخذه الموت فلما هلكوا جعل موسى يبكي ويتضرع ويقول إلهي ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد هلك خيارهم {لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فلم يزل يناشد ربه حتى أحياهم الله رجلًا بعد رجل، بعد ما ماتوا يومًا وليلة ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون فذلك قوله تعالى: {ثم بعثناكم} أي أحييناكم {من بعد موتكم} أي لتستوفوا بقية آجالكم وأرزاقكم ولو أنهم كانوا قد ماتوا لانقضاء آجالهم لم يبعثوا إلى يوم القيامة. اهـ.